08 أكتوبر، 2011

الإثنين 26 سبتمبر (222)


ثقافة الإذعان للظالم

كان السيد علي بوصوة أحد أشهر شيوخ السلطان (معمر القذافي) الذين أعطاهم تلفزيون القذافي مساحةً معتبرة لمخاطبة الليبيين واعظين ومطالبين بالاصطفاف وراء "ولي الأمر". وقد انطلق السيد بوصوّة في جانب من خطابه لليبيين من منطلق وجوب طاعة ولي الأمر وعدم جواز الخروج عليه.

انتصرت الثورة وأُلقي القبض على السيد بوصوة، فإذا به ينقلب عن دعوته للقذافي مائةً وثمانين درجة ــــ كما نجده على اليوتيوب ــــ مخاطباً الليبيين بما يلي:
"... أدعو عموم إخواني من الشعب الليبي بالتزام السمع والطاعة للثوار وللمجلس الوطني حقنا للدماء وحرصا على وحدة الكلمة .... وإن شيخ الإسلام ابن تيمية يقول بالحرف الواحد إذا استتب الأمر وسيطرت جهة معينة أو ثوار أو ولي أمر على الأمر في بلاد معينة فينبغي السمع والطاعة له لأن ذلك واجب شرعي...."

استخدم السيد بوصوة الدين في دعوته للناس إلى الولاء لمعمر القذافي وطاعته، وكذلك في دعوته إلى الولاء للعهد الجديد وطاعته، ومن دون معرفةٍ بماهيته. ويبدو السيد بوصوة منسجماً مع نفسه في الموقفين، فهو يدعو إلى طاعة من يحكم كائنا من كان. ولا تزال دعوة الإذعان للحاكم كيفما تصرّف تلقي بظلها الثقيل على الحياة العامة في عالمنا الإسلامي.. من معاوية بن أبي سفيان وحتى معمر احميد أبي منيار.

إن الأخذ بهذا الرأي حرّاً من قيودٍ وضوابطَ تضمن صحة ولاية الأمر نفسها واستمرار الالتزام بمرجعيتها تعني أن تداول السلطة لا يأتي إلا عن طريق القوة ــــ أو التوريث! ــــ أو لا يأتي أبداً، وأن الحكم ’حقٌ‘ للمنتصر مقروناً بما يرتّبه من واجب السمع والطاعة... وهو ما يدعو إلى تساؤل خطير: هل هذا هو طريق تصحيح الانحراف بلغ الحاكم ما بلغ من ظلمٍ وإفسادٍ وقتلٍ وتعذيبٍ وتشريدٍ وتبديدٍ لثروات الأمة وتهديدٍ لمستقبلها. وهل يكفي الخارجَ عن الحاكم أن ينتصر ليكتسب شرعية الحكم؟

السيد بوصوة قد يكون انبرى للدفاع عن القذافي بسبب ضعفٍ فيه أو طمعٍ أو خوف، وهذا لا يهمّنا في كثيرٍ أو قليل. ولكن مسألة وجوب إذعان المسلم للظالم أو لكل من يصل إلى الحكم، شيءٌ آخر.   

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق