18 أكتوبر، 2011

السبت 15 أكتوبر (241)

سيدي عمر
مرةً أخرى وجدت نفسي أمام رسالة صادرة من السيدعمر المختار، أظنني كنت قد استقيتها من كتاب لأخي الدكتور محمد المفتي.
كان شيخ الشهداء قد استلم رسالة سنة 1925 من مترجم لدى السلطات الإيطالية اسمه عبود راشد، يدعوه فيها إلى ترك الجهاد والاستسلام للإيطاليين، فإيطاليا ’دولة قوية لا يمكن قهرها، ويكفي ما تكبّدته البلاد من قتل وسوء عيش‘.
جاءني السؤال شبيها بمن ربما وجّه نفس الدعوة لأحفاد عمر المختار في شهر فبراير وما بعده: "لماذا تقاتلون؟ إن دولة القذافي قوية بدباباتها وصواريخها وأموالها ومرتزقتها وجنونها.. لا يمكن قهرها بسيارات تويوتا ورشاشات كلاشنكوف.. يكفي ما تكبدته البلاد من قتل ودمار وسوء عيش".
روح الرد في الحالتين واحدة؛ لو وضعنا ’نظام القذافي‘ مكان ’إيطاليا والإيطاليين‘ لوجدنا أنفسنا أمام رد ثوار فبراير. ردّ سيدي عمر كان كما يلي، بالحرف:
(سلامٌ على من اتّبع الهدى، لولا وجوب رجوع الخطاب لا أخاطبكم...
 قولُكم إنّكم من حين قدومكم لهذا الوطن وأنتم باذلون النصيحةَ لأبناء جنسِكم وأنَّك عربي، فالنصيحة التي تؤدّي إلى الركون للعدوّ لا حاجة لنا بها، فنحن متوكّلون على الله لأنَّ قوة الإيمان يتلاشى في جانبها كلّ مدد.  قال الله تعالى في كتابه المبين (إنَّ الله مع المتَّقين)... 
وقولُكم من جهة تعب الوطنُ وأهلُه، فنحن عارفون مقصدَنا، فمن عرف ما قصد هان عليه ما وجد... 
وقولُكم أنَّ حكومَتكم [الإيطالية]  لا تقصد للعرب إلا الشرف، فالذي رأيناه نحن بخلاف ذلك... أفهذه الأفعال أفعال حكومة لها شرف؟ (لا والله) وكل ما ذُكر لك لا تتحمّله نفسٌ عربية ولا ذوو الشيمِ الزكيّة. وقد نهانا الله سبحانه وتعالى في كتابه العزيز، قال: (ولا تركَنوا إلى الذين ظلموا فتمسكّم النار)...
وقلتم أتعتقدون أنَّكم قادرون أن تُبعدوا هذه الحكومة [الإيطالية] من هذه المقاطعة [ليبيا] لتحكموا مكانها؟ فالقادر هو الله، ولسنا نحن طالبين شيئا يستحيل علينا بحول الله وقوته...
... ورجال الوطن لا يتركون [الإيطاليين] بحول الله وقوته حتى يطهروه من أدرانهم أو يضحوا عن آخرهم لا سمح الله، وذلك هو مرامهم التضحية في سبيل الله والوطن...
وقولكم إذا ترغبوا في الاجتماع بنا للمخاطبة في شأن ما يعود بالراحة على الوطن، فهذا الطلب غير موجود لدينا أصلا).

هذه الرسالة جزء من تاريخ الوطن، وجزء من زاد الأجيال في الدفاع عنه.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق