21 أكتوبر، 2011

الخميس 20 أكتوبر (245)


النهاية
سقط الطاغية بفعل ثورةٍ استمرت مائتين وخمسة وأربعين يوماً، وقودُها عشرات الآلاف من الشهداء والجرحى، وصمودٌ وصبرٌ وعنادٌ لا يلين في وجه طغيانٍ ربما كان الأعتي على وجه الأرض في القرن العشرين والعقد الأول من هذا القرن.
في هذا اليوم المجيد سقط فرعون هذا الزمان، ومعه عصابته وسَحَرتُه، في طريقه إلى وادي جارف حيث وُلد منذ حوالي سبعين عاما. ولكن القدر أراد له ألا يصل. اثنان وأربعون عاما حكم فيها البلاد حكما مطلقاً، وبسط ظله الثقيل قتلاً وسجناً وتشريداً وهدماً.. انتهاكاً للحرمات.. فساداً وسفاهةً وعبثاً... انتهت في هذا اليوم.
"أنا المجد" قال عن نفسه، ولكن الثوار عثروا عليه جرذاً ــــــ بعد أن كان يصف شعبه بالجرذان ـــــ في أنبوب تحت طريق عام.. وقُتل.
(وكان حقاً علينا نصرُ المؤمنين)  صدق الله العظيم، الروم، الآية 47.  
حمداً لله، صدق وعده ونصر عبده وأعز جنده... ورحم الله شهداءنا.. نبلاءنا.. أحفاد سيدي عْمر.
معمر: شنو فيه؟
اختلفت الروايات وتضارب بعضها، ولكن الأرجح هو أن القذافي والمجموعة المتبقية من أتباعه قرروا الهروب ليلة الأربعاء/ الخميس. خرجوا في رتل من عشرات المركبات متجهين شرقاً قبل الفجر، واضطروا للتراجع في مواجهة نيران الثوار هناك، فاتجهوا غرباً. هل كان طيران الناتو يتابعهم، وانتظر موقعاً مناسباً لضربهم، أم أنه اكتشف وجود الرتل في حينها؟ أم هل هناك تفسيرا آخر؟
جاءت الغارة الجوية طبقا لرويترز عند الساعة 8.30 صباحا، على بعد حوالي 3 كيلومتر غرب سرت، وعشرين متراً خارج الطريق المعبد. مراسل الوكالة عاين 15 سيارة نصف نقل (بيك أب) محملة برشاشات ثقيلة كانت لا تزال تحترق. داخل هذه المركبات وعلى مقاعدهم كانت هياكل عظمية متفحمة، وجثث آخرين كانت ملقاة على الأرض خارج المركبات... مجموع القتلى في تقدير المراسل كان 50 شخصاً.
أحد الثوار، إسماعيل، قال لقناة الجزيرة إن الناتو كان قد أبلغهم أن رتلا ــــــ به القذافي؟ ــــــ قد خرج في طريقه إلى وادي جارف. الناتو ضرب الرتل في منطقة الزعفران. تفرّقوا، وكان معمر القذافي من بين الهاربين. لاحقه الثوار وتعاملوا معه ومع مرافقيه. واستمرت المعركة والمطاردة حتى وجده الثوار داخل كمرة (أنبوب تحت الطريق). كان مصابا. لم يقاوم، بل سألهم "شنو فيه؟ شنو تبّوا؟". طبقا لإحدى الروايات أطلق عليه أحد الثوار رصاصة في رأسه ونقله الثوار في سيارة إسعاف إلى مصراته.
منصور ضو، آمر الحرس الشعبي (؟)، في مقابلة مع العربية أكد توجهه ضمن رتل القذافي إلى وادي جارف. تفرقوا بعد الغارة حيث بقي هو مع القذافي وبوبكر يونس وابنيْ بوبكر يونس وحوالي خمسة من المسلحين.
سيف
الأخبار متضاربة.. من شبه المؤكد أنه قد لقي حتفه أو أنه مصاب.. مكانه مستشفى في زليتن.
بوبكر
أحد الثوار، من كتيبة علي بن أبي طالب، الذي قبض على أبوبكر يونس في إحدى الأنابيب (كمرة من كمرات  الطرق) لم يتعرف على أبوبكر حتى أبلغه ابنه ـــــ ابن أبوبكر ــــ أنه هو. كان يحتضر. الشاب اليافع قال "كنا نضربوا عشوائي، وربنا يسدّد". ذكّرني بقوله تعالى "وما رميت إذ رميت ولكن الله رمى".
وكانت للمعتصم قصته هاربا مع مجموعة من المسلحين، وشى به أحدهم. رفض عرضا بالأمان مفضلا مواصلة الهروب إلى مركبتين تنتظرانه على الطريق. ولم ينج من أيدي الثوار، ولم ينج من كانوا في المركبتين.
الباقون
الباقون، ومن بينهم عبد الله السنوسي وأحمد إبراهيم وغيرهما من رؤوس النظام، وقعوا بين قتيل في الغارة وقتيل على أيدي الثوار وأسير وهارب.
(فكلاَ أخذنا بذنبِه، فَمِنْهُمْ مَنْ أرسلنا عليهِ حاصِباً ومنهم مَنْ أخَذَتْه الصّيْحةُ، ومِنهم مَنْ خَسَفنا بِهِ الأرضُ، ومِنهمْ مَنْ أغرقْنا، وما كان اللهُ ليظلمَهم ولكن كانوا أنفسهم يظلمون).. صدق الله العظيم، العنكبوت، الآية 40.
تلفزيون
المرور بقنوات التلفزيون يظهر أن العالم كله كان يتابع أحداث ليبيا في هذا اليوم. كان السباق محموما وراء الخبر وتأكيد الخبر ودعمه بالصورة، ونقل نبض الشارع في هذا اليوم التاريخي الفاصل.
·         العربية سبقت الجزيرة إلى مصراته. مراسل العربية كان في مصراته حين وصلت جثة القذافي إلى سوق التوانسه، في الوقت الذي أذاعت فيه الجزيرة أن الجثة في أحد مساجد مصراته... في مسجد؟!
·         عوّضت الجزيرة مساءً بوصولها إلى مصراته ومقابلاتها مع الثوار المشاركين في معركة الزعفران/ سرت 20 أكتوبر.
·         العربية انفردت بمقابلة مع منصور ضو.
متفرقات !!
·         برلسكوني أعلن نهاية الحرب في ليبيا.
·         الفاتيكان اعترف اليوم بالمجلس الانتقالي ممثلا للشعب الليبي.
·         أجرت الجزيرة مقابلة مع الناطق باسم المجلس الانتقالي... كان واضحاً أن الرجل لم يكن يملك معلومات عن ظروف مقتل القذافي يضيفها إلى ما كان معلوما لدى الجميع وقتها.
·         أذاعت الجزيرة خبر أن رئيس مجلس طرابلس العسكري يؤكد مقتل القذافي، وتركت الخبر على خلفية حمراء مدة ساعة أو أكثر. الرجل لم يكن في سرت أو مصراته.
شنو فيه؟ نعم، شنو فيه؟
انتهى القذافي بعد حكم استمرت اثنين وأربعين عاماً، وانتصرت الثورة عليه في مائتين وخمسة وأربعين يوماً، لتبدأ معركة بناء الدولة الليبية العصرية.... تلك هي المعركة الكبرى.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق